مبادرات سكنية في الإمارات العربية المتحدة لتلبية الاحتياجات السكنية

أيمن يوسف، المدير الإداري لشركة كولدويل بانكر الإمارات

أصبحت عملية إتاحة السكن بأسعار معقولة إحدى أهم الأولويات منذ أن أعلنت الحكومة في الإمارات العربية المتحدة إطلاق برنامج الشيخ زايد للإسكان في 1999. ومع ذلك، ظل تعريف مصطلح “بأسعار معقولة أو في متناول اليد” غير واضح تماماً واختلف من فرد لآخر، حتى إعلان سمو الشيخ حمدان بن محمد عن مسابقة عالمية يتم دعوة مختلف الشركات العالمية في مجال العمارة والتصميم لتقديم تصاميمهم للمنازل الذكية التي يُمكن للأسر الحصول عليها عن طريق تمويل عقاري يبلغ مليون درهم. وتأتي هذه المبادرة في وقت شهد زيادة في متوسط أسعار البيع بنسبة تزيد عن 10% وزيادة بلغت 27% في أسعار التأجير، وحفزت تلك المبادرة نقاش جديد حول مبدأ السكن ذو الأسعار المعقولة وأهميته. بينما لايزال الأمر في مراحله الأولى في المنطقة، يقول السيد أيمن يوسف، المدير الإداري لشركة كولدويل بانكر الإمارات، أن المساكن بأسعار معقولة يشهد تزايداً ملحوظاً في الاهتمام به خاصة وهو يُمثل فائدة كبيرة بالنسبة لشريحة واسعة جداً من السكان. وبدأت العديد من الشركات العاملة في التطوير العقاري في العمل على تطوير مشاريع بأسعار معقولة للغاية مع توفير مساكن مُبتكرة وحديثة في نفس الوقت.

ولا يُمكن تسليط الضوء على الإسكان ذو الأسعار المعقولة بما في الكفاية لأن القدرة التنافسية للدولة والنجاح الاقتصادي يعتمدان على كفاءة ما تحققه الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر الجودة والتوافر والأسعار التي تكون في متناول اليد من العوامل الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بتعريف الإسكان كعامل رئيسي في القدرة التنافسية الاقتصادية للإمارات العربية المتحدة.

لماذا يُعتبر السعر المعقول أحد الأمور الهامة في قطاع الإسكان؟

مع الأخذ في عين الاعتبار التنوع الكبير في السكان وطبيعة متطلبات الإسكان، هناك حاجة لعقارات بمختلف الأسعار لتتماشى مع مختلف فئات الدخل الخاصة بالسكان. وعندما تصبح أسعار الإسكان بعيدة عن متناول اليد، يكون لهذا تأثير سلبي على سوق العقارات والذي قد ينعكس كذلك على الاقتصاد بشكل عام أو يتسبب في اضطرابات في الاقتصاد الإماراتي. ومن منظور وطني، فإن توافر المساكن بأسعار معقولة هو أحد أهم المؤشرات لتوازن النمو في الدولة. وتكثّف حكومة الإمارات العربية المتحدة من جهودها لتوفير الإسكان بأسعار معقولة للمواطنين حتى يتماشى الرضا عن الحياة وتأثيرات الثروة على السكان بسبب الاستقرار. ومما لا شك فيه، يساهم هذا أيضاً في تعزيز الوصول لأنماط حياة ورعاية صحية وتعليم وسلامة عقلية ونفسية أفضل لكل السكان.

الإطار المؤسسي الذي يوفر الإسكان ذو السعر المعقول في الإمارات العربية المتحدة

كان توفير الإسكان ذو الأسعار المعقولة هو مهمة الحكومة في الإمارات لعقود طويلة، ولكن مؤخراً بدأ القطاع الخاص كذلك في الدخول في هذا السوق من خلال تقديم وحدات لشرائح السكان الأقل دخلاً. وتقدم المبادرات التي تقودها الحكومة في دولة الإمارات – مثل مؤسسة محمد بن راشد للإسكان – قروضاَ بفوائد منخفضة للحصول على منازل، وخيارات التأجير من أجل الملكية، فضلاً عن الشراكات مع القطاع الخاص لتقديم حلول إسكان تلبي متطلبات كافة السكان باختلاف دخلهم. في حين أن نظام الإسكان الذكي في دبي يُبسط العملية لخفض العقبات الإدارية حتى تساهم في إنشاء نظام مدن ذكية شامل. وتقدم الإمارات العربية المُتحدة مثالاً يحتذى به عن طريق العديد المفاهيم المُبتكرة مثل الاستئجار من أجل التملك، وبرامج الملكية المشتركة، والقروض التي يحصل عليها الناس من أجل شراء منازل أو تجديد بيوتهم، مع ضمان أن كل الناس تتمتع بفوائد العيش والازدهار في إحدى دول العالم الأول المتقدمة اقتصادياً. وتلعب مؤسسة التنظيم العقاري التابعة لدائرة الأراضي والأملاك في دبي دوراً هاماً كذلك في تعزيز وتطوير السياسات والقوانين لضمان الحماية القانونية الكاملة لتلك المبادرات والمفاهيم.

مبادرات تسهم في الوصول لإسكان ذو أسعار معقولة في متناول اليد

يشهد التوجه المتزايد في العرض والطلب على الإسكان ذو الأسعار المعقولة إقبالاً كبيراً من الجمهور المستهدف الذي حصل على المرونة اللازمة في الشروط والأحكام بحسب ما أشار إليه أيمن يوسف، المدير الإداري لشركة كولدويل بانكر الإمارات. وشجعت برامج الملكية المُبتكرة والحلول التمويلية الفريدة العديد من شركات القطاع الخاص مثل إعمار والدار وماجد الفطيم في الدخول في هذا القطاع من خلال تقديم حلول بأسعار في متناول اليد بجانب العقارات الفاخرة التي يقدمونها. من خلال زيادة ما تقدمه من وحدات، عملت إعمار ساوث على الاعتماد على أسلوب المجتمعات المُتكاملة لضمان أن السكان باختلاف دخلهم يستفيدون من المرافق والمناطق المختلفة مما يسهم في خلق مجتمع يتسم بالتماسك والتكامل. أما بالنسبة لمشروع نويا لشركة الدار في أبوظبي، فهو يعتمد على المساحات الخضراء والمراكز المجتمعية والتصاميم المستدامة للتأكيد على التزام الشركة بتقديم تجارب حياة شاملة ورائعة. ويركز مشروع إيلان التابع لشركة ماجد الفطيم على جودة الحياة مع تركيز شديد على القدرة على المشي من مكان لأخر بداخل المشروع، والاتصال وسهولة الوصول للخدمات الأساسية. وفي المجمل، يبدو أن القطاع الخاص قد بدأ في جعل استراتيجياته تتسق مع رؤية الإمارات العربية المتحدة لتقديم حياة شاملة ومميزة مع مرافق ووحدات عصرية. شهدت الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات الماضية تغيرات ملحوظة في هذه التوجهات، وبالرغم من أن العديد من الأحياء السكنية في الإمارات العربية المتحدة وفي دُبي على وجه الخصوص قد شهدت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، ظلت بعض المناطق في الاستمرار في توفير خيارات مميزة لمتوسطي ومنخفضي الدخل في الإمارات.

وتتضمن المناطق المميزة في دبي المدينة العالمية والتي تقدم عقارات بأسعار منخفضة تبلغ 480 درهم للمتر المربع. أما بالنسبة لمجمع دبي للاستثمار، فتتوافر به شقق بأسعار تبدأ من 595 درهم للمتر، وهناك كذلك جميرا فيلا سيركل التي يبلغ سعر العقارات فيها 691 درهم للمتر. ولكن هناك بعض المشكلات والتحديات التي تواجه محاولات تقديم شقق وعقارات بأسعار معقولة، وتتضمن تكاليف الأراضي والبناء والتشييد، بالإضافة إلى تكلفة العمالة ومواد البناء، وتقف تلك العقبات أمام الحكومة في الإمارات وشركات القطاع الخاص في عملية توفير المزيد من الإسكان ذو السعر المعقول.

ولذلك يتطلب توفير إسكان معقول السعر وفي متناول اليد التعاون وتضافر جهود مختلف الجهات والهيئات وكل الأطراف المعنية لتحقيق هذه الغاية المنشودة.

Share